بنك أبوظبي الأول FAB يدرس تقديم عرض لشراء ستاندرد تشارترد بـ35 مليار دولار
يسعى بنك أبوظبي الأول من جديد لتقديم عرض محتمل لمصرف "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered)، بعدما فشل قراره بتعليق خطته السابقة للاستحواذ على المؤسسة المالية في كبح طموحاته في أن يصبح قوة مالية عالمية.
تحت الاسم الرمزي "سيلفر فوكستروت"، يعمل المسؤولون في بنك أبوظبي الأول بكد لتقديم عرض محتمل بمجرد انقضاء فترة الانتظار التي تتطلبها قواعد الاستحواذ في المملكة المتحدة، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.
استكمل بنك أبوظبي الأول الفحص النافي للجهالة للمصرف الذي يقع مقره في لندن، كما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنَّ الأمر يتعلق بالخصوصية. وأشاروا إلى أنَّ أي صفقة ستعتمد على ظروف السوق وأداء سعر سهم "ستاندرد تشارترد".
بنك أبوظبي الأول، الذي تبلغ قيمته نحو ضعف قيمة "ستاندرد تشارترد"- يستكشف تقديم عرض نقدي بالكامل في حدود 30 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، وفق ما كشفه الأشخاص. وأشاروا إلى أنَّ أي استحواذ سيتم تمويله عبر داعمي البنك، ومن بينهم صندوق أبوظبي السيادي "مبادلة للاستثمار" وعائلة آل نهيان الحاكمة في أبوظبي.
رئيس مجلس إدارة بنك أبوظبي الأول، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، يُعد من أهم أفراد العائلة الحاكمة، كما أنَّه تولى في السنوات الأخيرة دوراً أكبر لقيادة الأهداف السياسية والاقتصادية للإمارة.
تحرص أبوظبي، بعد فترة من ارتفاع أسعار الخام، على استخدام مكاسبها النفطية غير المتوقَّعة لإجراء تحول للقطاع المالي بالإمارة بعدما تخلّف عن العديد من الصناعات الرئيسية الأخرى مثل الطاقة والسياحة والخدمات اللوجستية. ستُعد مثل هذه المحاولة بمثابة خطوة أكبر من التحركات التي اتخذتها دول الخليج الثرية الأخرى للاستحواذ على حصص أقلية في بنوك مثل "باركليز" و"كريدي سويس".
قال بنك أبوظبي الأول الشهر الماضي إنَّه درس التقدّم بعرض لشراء "ستاندرد تشارترد"، لكنَّه لم يعد يفكر في تلك الخطوة.
كما أنَّ القيمة السوقية الصغيرة نسبياً للبنك البريطاني- البالغة نحو 24 مليار دولار مقارنة بـ43 مليار دولار لبنك أبوظبي الأول- وآفاق الأعمال التجارية، خاصة في ظل تعرضه لبعض الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، تجعله هدفاً مرشحاً بقوة لبنك أبوظبي الأول. كما زاد انخفاض الجنيه الإسترليني من جاذبية البنك الذي يتداول بمضاعف قيمة دفترية يبلغ 0.56 مرة فقط.
يعمل كين مويليس المخضرم في "وول ستريت" عن كثب مع المديرين التنفيذيين لبنك أبوظبي الأول وأعضاء بارزين من الأسرة الحاكمة في أبوظبي وبعض الصناديق السيادية للإمارة على الصفقة المحتملة، على حد قول المصادر. وقال أحد الأشخاص إنَّ المصرفيين الذين يعملون على هذه الخطط يتنقلون بكثرة بين نيويورك والعاصمة الإماراتية.
ومع ذلك؛ فإنَّ إتمام الصفقة سيكون أمراً معقداً وطموحاً على خلفية العقبات والاختلافات في الحجم بين البنكين. وكشف الأشخاص أنَّه يُنظر إلى الموافقات التنظيمية على أنَّها أكبر العقبات أمام إتمام عملية الاستحواذ بنجاح. على سبيل المثال؛ أشار الأشخاص إلى أنَّ بنك أبوظبي الأول سيحتاج إلى الحصول على موافقة وزارة الخزانة الأميركية لتشغيل رخصة "ستاندرد تشارترد" لمقاصة الدولار.
على صعيد آخر، ووفقاً لأحد السيناريوهات المطروحة قيد الدراسة، يُمكن شطب "ستاندرد تشارترد" من بورصات هونغ كونغ ولندن، وقد يتم نقل مقر البنك المدمج من العاصمة البريطانية إلى أبوظبي، على حد قول المصادر التي لفتت إلى أنَّ مثل هذه الخطوة من المرجح أن تقابلها معارضة قوية في السوق المحلية لبنك "ستاندرد تشارترد".
يبرز استكشاف بنك أبوظبي الأول لمثل هذه الصفقة الطموح المتزايد لمقرضي الشرق الأوسط والدول الغنية بالنفط التي تدعمها. كما قد يؤدي نجاح الصفقة إلى تحويل بنك أبوظبي الأول ليصبح عملاقاً مصرفياً بالأسواق الناشئة بأصول تصل قيمتها لأكثر من تريليون دولار- ومن المحتمل أن ينضم إلى النادي المكوّن من 30 بنكاً الذي يعتبره المنظمون العالميون مهماً على المستوى النظامي. كما أنَّه سيمثل نقطة تحوّل في عهد رئيسته التنفيذية، هناء الرستماني، الذي استمر مدة عامين.
أشار ممثل لبنك أبوظبي الأول إلى البيان الصادر في 5 يناير، الذي نص على أنَّ البنك قام بدراسة تقديم عرض محتمل لـ"ستاندرد تشارترد"، لكنَّه لم يعد يفكر في ذلك، وأكد أنَّ البنك مُلتزم بقواعد الاستحواذ في المملكة المتحدة وهونغ كونغ. وعلى الجانب الآخر؛ رفض ممثل "ستاندرد تشارترد" التعليق.
قال مارك ويليامز، الأستاذ في جامعة بوسطن الذي عمل في السابق فاحصاً لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي: "بنك أبوظبي الأول والعائلة الحاكمة يستجيبون ببساطة لاتجاهات التمويل العالمية ورأس المال المتزايد في الشرق الأوسط.. كما يُعتبَر هدف الدولة المتمثل في الحصول على بنك متعدد الجنسيات حسن السمعة، ويرتبط أيضاً بالرغبة في اكتساب شرعية أكبر لدى الدوائر المالية العالمية، وتعزيز السيطرة على حركة الأموال وحفظها".
كشف بعض الأشخاص أنَّه بالإضافة إلى الاستمرار في محاولة الحصول على حصة أغلبية أو أقلية في "ستاندرد تشارترد"، يتطلع بنك أبوظبي الأول أيضاً للاستحواذ على أصول محددة من المقرض البريطاني أو تشكيل مشروع مشترك لمساعدته على التوسع دولياً.
قال أشخاص آخرون إنَّ بنك أبوظبي الأول يقوم بدراسة بنوك أخرى أيضاً، بما في ذلك بنك في آسيا، كما أنَّ بنوك الاستثمار تعرض على بنك أبوظبي الأول عدداً من الأهداف المحتملة.
أمّا بالنسبة لبنك "ستاندرد تشارترد"؛ فقد كانت هناك تكهنات مفتوحة طيلة سنوات حول مستقبله. ففي 2018، وردت أنباء بأنَّ "باركليز" (Barclays) كان مهتماً بالاستحواذ على الأول. وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، برزت ترجيحات تفيد أنَّ أمثال "سيتي غروب" و"جيه بي مورغان" كانوا مهتمين بشراء البنك. ومنذ تولي بيل وينترز دفة القيادة؛ انخفضت أسهم "ستاندرد تشارترد" بنحو الثلث.
على الرغم من أنَّ المقر الرئيسي لبنك "ستاندرد تشارترد" يقع في بريطانيا ويخضع لإشراف الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة بشكل أساسي؛ لكن من المرجح أن يتم تقرير مصيره على بعد آلاف الأميال في سنغافورة.
"تيماسيك هولدينغز" (Temasek Holdings)، هي أكبر مساهم في البنك منذ ما يقرب من عقدين، مما يمنحها أكبر رأي منفرد في تحديد ما يحدث للبنك. وقال أشخاص مطّلعون على الأمر إنَّ التنفيذيين الذين يقع مقرهم في أبوظبي لم يناقشوا خططهم مع صندوق الثروة السنغافوري.
وامتنع ممثلو "مبادلة" و"تيماسيك" عن التعليق. لم يرد ممثل "مويليس" فوراً على طلب للتعليق.
وبعد أسابيع من تأكيد "أبوظبي الأول" اهتمامه ببنك "ستاندرد تشارترد"، أخبر وينترز المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أنَّه من "المنطقي تماماً" أن تهتم بنوك الشرق الأوسط بشراء المؤسسات المالية الأوروبية بسبب تقييمها النسبي، لكنَّه برغم ذلك لم يرجح عقد صفقة.
قال وينترز إنَّ البنوك تُعد "محمية نوعاً ما"، مما يجعل الصفقات صعبة، وأوضح: "هذا ليس شيئاً تعاملنا معه أو كنّا مهتمين به.. الأمر بالنسبة لـ(ستاندرد تشارترد) هو أنّنا نقوم بعمل جيد للغاية بأنفسنا.. كل شيء على مساره الصحيح بالنسبة لنا".