أزمة إمبراطورية أداني تتعمق بخسائر 100 مليار دولار .. مصارف توقف قبول سنداتها
تعمقت الأزمة المرتبطة بالملياردير الهندي جوتام أداني أمس، مع تجاوز إجمالي الخسائر في قيمة إمبراطوريته المالية المدينة مائة مليار دولار، بعدما ألغت فجأة عملية بيع لأسهمها.
جاء تبخر أكثر من ثلث قيمة المجموعة التابعة للملياردير في أعقاب اتهامات بعمليات احتيال في المحاسبة نشرتها شركة "هندنبرج ريسرتش" الأمريكية في 24 (يناير).
وهبطت قيمة الشركة الرئيسة "أداني إنتربرايزس" بأكثر من 25 في المائة أمس، في نسبة تضاف إلى تراجع الأربعاء بلغ 30 في المائة تقريبا، وفقا لـ"الفرنسية".
كما تم تعليق التداول في أسهم وحدات أخرى تابعة لأداني مدرجة في البورصة بعدما تراجعت بنسبة 10 في المائة، بما في ذلك "أداني توتال غاز" التي تملك "توتال إنرجي" الفرنسية حصة فيها تبلغ نسبتها 37.4 في المائة. وأدى الذعر الذي أثاره تدهور المجموعة إلى توقف مصارف كبرى، بينها "كريدي سويس" و"سيتي جروب" عن قبول سندات أداني كضمان للقروض المقدمة للعملاء، بحسب "بلومبيرج نيوز".
وأثار ذلك المخاوف حيال الكيفية التي سيكون بإمكان أداني من خلالها جمع تمويل جديد، بينما يتم تداول سندات الدولار الصادرة عن أداني بمستويات مثيرة للقلق في ظل مؤشرات متزايدة إلى إمكان انتقال العدوى في الأسواق الهندية، بحسب "بلومبيرج".
تأتي الضربة الجديدة بعدما ألغت "أداني" في وقت متأخر الأربعاء عملية بيع أسهم بقيمة 2.5 مليار دولار كان من المفترض أن تساعد على خفض مستويات الديون التي تشكل مصدر قلق وإعادة الثقة وتوسيع قاعدة أصحاب الأسهم لديها.
فشل الأمر في جذب المستثمرين الأصغر ولم تبع إلا بفضل مشترين من مؤسسات كبرى وأهم أثرياء الهند، فضلا عن 400 مليون دولار من الشركة العالمية القابضة.
وأفاد مجلس إدارة "أداني إنتربرايزس" في بيان أن المضي قدما في الأمر "لن يكون صحيحا من الناحية الأخلاقية"، وأنها سترد كل الدفعات التي تمت.
وشدد أداني نفسه في بيان مصور على أن "أسس شركتنا قوية جدا، وكشف ميزانيتنا صحي وأصولنا قوية، وأنه فور استقرار السوق، سنراجع استراتيجية سوق رأس المال التابعة لنا"، مشددا على أن سجل المجموعة في تسديد ديونها "لا غبار عليه".
وتوسعت بسرعة بالغة عمليات أداني "60 عاما" المعروف بابتعاده عن الأضواء، الذي لم يكمل تعليمه في المدرسة، بينما ارتفعت أسهم "أداني إنتربرايزس" بأكثر من 1000 في المائة على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة.
وكان حتى الأسبوع الماضي ثالث أغنى رجل في العالم، ليتراجع بحلول أمس، إلى المرتبة الـ16 على قائمة "فوربس" للأثرياء التي تحدث التصنيف بشكل آني.
وبحسب "هندنبرج ريسرتش"، فإن أداني زاد أسعار أسهم وحداته بشكل زائف من خلال ضخ أموال عبر ملاذات ضريبية ما وراء البحار. وقالت "إن هذا التلاعب الصارخ بالأسهم وخطة الاحتيال في الحسابات يعدان أكبر عملية غش في تاريخ الشركات".
بدورها، عدت مجموعة أداني أنها كانت ضحية هجوم "شرير" على سمعتها وأصدرت بيانا في 413 صفحة الأحد قالت "إنه يثبت أن اتهامات (هندنبرج) ليست إلا كذبة".
وردت "هندنبرج" التي تجمع المال عبر الرهان على هبوط الأسهم، بأن "أداني" لم تجب عن معظم الأسئلة المطروحة في تقريرها. ويرى محللون أن هذا الاضطراب أضر بصورة الهند في وقت تسعى فيه إلى جذب المستثمرين الأجانب بعيدا عن الصين. وقال سريناث سريداران المعلّق المستقل على الأسواق إن الأزمة تشكّل اختبارا رئيسيا للهيئات المالية الناظمة في الهند.
وأضاف في تصريحات أمس، "هل يطرحون أسئلة ويطالبون بكشوف؟ يعد كل ذلك حاسما للغاية"، واصفا ما حصل بأنه "درس" للهند.
وطلب المصرف المركزي الهندي من المقرضين تقديم تفاصيل عن مدى تعرضهم لمجموعة أداني التي تشمل مصالحها موانئ وشركات اتصالات ومطارات ومؤسسات إعلامية فضلا عن الفحم والنفط والطاقة الشمسية، بحسب ما ذكرت "بلومبيرج" نقلا عن مصادر لم تسمها.
وقال محلل أسترالي متخصص في مجال الطاقة يراقب الهند هو تيم باكلي "يصبح السؤال الآن: هل هم مجبرون فعلا على بيع جواهر التاج للمستثمرين الاستراتيجيين؟ أتوقع أن هذا هو ما ستضطر (أداني) إلى القيام به في نهاية المطاف".
وتم تأجيل جلسة البرلمان صباح أمس، بعد مداخلات متكررة من النواب الذين طالبوا الحكومة بطرح قضية "أداني" للنقاش، ومستوى تأثر مصارف القطاع العام والمؤسسات المالية.
لكن حافظت أسهم هندية أخرى على ثباتها منذ تراجع أسهم "أداني"، فيما أكد أشويني فايشناو وزير التكنولوجيا الهندي لتلفزيون "بلومبيرج" أنه لا يشعر بالقلق من أي تأثير دومينو.
وقال "تملك الهند طيفا واسعا من شركات البنى التحتية، وأي زلة في سوق الأسهم لن تؤثر في مجمل الاقتصاد، أنا متأكد جدا من ذلك".