ماذا يعني طرح البنوك شهادات بعائد مرتفع.. وكيف يؤثر ذلك على المدخرين؟
بعد قرار البنك المركزي المصري الخميس الماضي، وفي مفاجئة غير متوقعة بإعلانه رفع معدلات الفائدة 300 نقطة أساس، ورفع سعر عائدي الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 300 نقطة لتصبح 16.25% و 17.25% و 16.75% على الترتيب، لاحتواء التضخم وجذب المزيد من الاستثمارات في أدوات الدين، ولم يعد هناك حديث إلا عن عزم البنوك المصرية طرح شهادات إدخار بفائدة تصل إلى 20% وهي الأعلى في التاريخ، فماذا يعني هذا القرار ومن المستفيد منه وكيف يعود ذلك على الممودعين في البنوك؟
من المستفيد الأكبر؟
حينما نتحدث عن رفع أسعار الفائدة من قبل أي بنك مركزي على مستوى العالم، فإن هدف البنك حينها يكون من أجل كبح جماح التضخم وضمان استقرار الأسعار ومعدلات فائدة متوازنة طويلة الأجل، بعد أن بلغت نسبة التضخم في مصر في أكتوبر الماضي 21.5% مقارنة بـ 18% اكتوبر 2021، فجاء في نهاية ديسمبر 2022 القرار برفع الفائدة بقيمة تاريخية وهي 3% دفعة واحدة، وتلا ذلك الحديث عن طرح شهادات إدخار بعائد يصل إلى 20%، فمن الرابح من ذلك؟
سحب السيولة
يشير العديد من المحللين الاقتصاديين إلى أن طرح شهادات إدخارية بعائد مرتفع في البنوك، يعمل بصورة مباشرة على سحب السيولة النقدية من المواطنين والحفاظ على معدلات التضخم وسحبها للأرقام المتوازنة، فيبدأ المودعين في البحث عن طرق للاستفادة من هذا العائد الكبير، فكل من لديه مبلغ من المال "تحت البلاطة" يذهب به إلى البنك ويودعه للاستفادة من العائد المرتفع أو من ارتفاع الفائدة على الشهادات ومن ثم على أمواله.
ليس هذا فقط ولكن طرح شهادات بعائد مرتفع في البنوك يعمل على زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية ودعم تدفقات أجنبية بعد خروج الأموال الساخنة من مصر في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، في أدوات الدين وفي الأسهم، فضلا عن استفادة قطاعات السياحة والصادرات والبترول والبورصة من هذا القرار وهو ما انعكس على مؤشر البورصة المصرية بالفعل الذي ارتفع ارتفاعا جماعيا في مستهل تعاملاته، وهذا كله بهدف جذب المستثمرين بدلا من اتجاههم لدول أخرى، خاصة وأن العديد من دول المنطقة والولايات المتحدة وكبرى الدول الصناعية الأوروبية تلجأ إلى رفع الفائدة أيضا.
من الخاسر من طرح شهادات بعائد مرتفع ؟
لو كان الأفراد هم المستفيديون الأكبر من طرح البنوك شهادات بعائد مرتفع، فإن رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة أو طرح شهادات استثمار بقيم مرتفعة، يكون الهدف منه زيادة تكاليف الإقراض بكل نواحي اقتصاد الدولة، وهذا يعني أن أسعار الفائدة للقروض تكون أكثر تكلفةً للشركات من خلال إنفاق المزيد من الموال والمدفوعات، وهذا يعني تأجيل العديد من المشروعات التي تحتاج إلى تمويل.
قطاع العائلات وأصحاب المعاشات
فيما يؤكد خبراء القطاع المصرفي على أنه بهذا الطرح يتشجع الأفراد على الإدخار في البنوك للحصول على عائد أكبر وهذا يقلل من الأموال السائلة أو المتداولة في الأسواق مما يؤدي إلى انخفاض التضخم وعودة الاقتصاد لنشاطه مرة أخرى، فأصحاب المعاشات والعائلات والمودعين والعاملين في الخارج والمستثمرين الأجانب وقطاع السياحة هم المستهدفين حينما تقرر البنوك طرح شهادات بعائد مرتفع وهم أو المستفيدين من هذا القرار، حتى وإن كان هدف البنك المركزي الأساسي ينطوي على سحب السيولة من الأسواق وامتصاصها لخفض وتيرة التضخم.