الجميع ذاق مرارتها.. متى ينمو نشاط السوق السوداء في المجتمعات؟
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي وحتى اليوم، لا يكف الجميع عن الحديث عن "السوق السوداء" وما تفعله السوق السوداء في المجتمع، ففي مجتمعنا المصري نعاني من ويلات السوق السوداء المهيمنة على كافة السلع، فنجد سعر الدولار بالبنك المركزي يختلف تماما عن سعره في السوق السوداء، أسعار السلع نفسها حتى أبسط أنواعها بعض التجار الجشعين يخبئونها لبعض الوقت لتباع في السوق السوداء، وهذا ما تفعله السوق الموازية أو السوداء التي تطرح المنتج بسعر موازِ وغير حقيقي مقارنة بالسعر الذي تقره الدولة.
ماهي السوق السوداء
طرحت مجلة "بزنس هارفارد ريفيو" فإن تعريف السوق السوداء يمكننا أن نلخصه بأنه السوق المتخصص في بيع المنتجات شحيحة الانتشار بالسوق الرسمي أو قليلة الانتشار لهذا تكون أسعارها غير خاضعة للرقابة كحال الأسعار الرسمية، فحتى الأسعار التي تفرض الحكومة الضرائب عليها تكون أسعار السوق السوداء أعلى منها.
وقد يظن البعض أن السوق السوداء أو السوق الموازية تظهر فقط في أوقات الأزمة الاقتصادية أو السياسية، أو في المجتعات النامية ودول العالم الثالث فحسب، ولكن في الحقيقية أن هذا السوق ينمو ويتفاقم في أي مجتمع حتى أنه متواجد منذ نشأة الأسواق في المجتمعات بالأساس ففي البلاد النامية والمتطورة على حد سواء تتواجد السوق السوداء.
متى تم إطلاق اسم السوق السوداء على السوق الموازية
تاريخيا يعود مسمى السوق السوداء إلى فترة الحرب العالمية الأولى حينما اضطرت الدول إلى توفير السلع الأساسية للمحاربين فلجأ المواطنون للسوق الموازية أو غير الرسمية لتوفيرها، وهكذا الحال في الحرب العالمية الثانية أيضا، وساعد في ذلك تبني سياسة "الاقتصاد الموجه" أو حرية التعامل بالعملات الصعبة فتجد السوق السوداء المنقذ لها وسط الحروب أو الأزمات الاقتصادية، حتى في ظل تقتنين الأسعار ومراقبتها .
متى يزداد نشاط هذا السوق
في الدول النامية على وجه التحديد وبين فترة لأخرى يتعاظم دور السوق السوداء في مجال النقد الأجنبي وهو سوق الأموال السوداء، وخلال الأزمة الأخيرة كان لمصر نصيب من هذا الدور المتعاظم في أوقات الحروب العالمية أو الإقليمية والأزمات، ففي وقت كان البنك المركزي يقر سعر سرف الدولار الرسمي مقابل الجنيه لأقل من 25 جنيها كان يقدر في السوق السوداء بأكثر من 33 جنيها وفي سوق المعدن الأصفر أيضا، بحجة عدم تواجده بوفرة في البنوك ولجوء التجار للسوق الموازية التي توفر الدولار لهم لإتمام صفقات استيراد السلع من الخارج.
كيف تؤثر السوق السوداء على اقتصاد الدول
هذه السوق غير الشرعية حينما تجد لها موضع قدم في أي دولة خاصة الدول النامية، تؤثر بلا شك على اقتصادات الدولة بطريق سلبية وبنسبب متغيرة، وهذايؤدي بدوره إلى عدم القدرة على ضبط الأسعار في هذه السوق وضبط عمليات الاحتكار التي تتم لبض السلع أو في السوق النقدي والعملات الأجنبية، وعدم تحكم الحكومات في سعر صرف العملة مقابل الدولار أو العملة الصعبة.
وفي هذه المرحلة تحاول السلطات أن توقف الفوضى التي تحدث في السوق من خلال التعويم أو تحرير سعر صرف العملة وفرض الكثير من القوانين المالية وهو ما فعلته الحكومة المصرية خلال الفترة الأخيرة وضبط السوق الموازية حتى بدأت تتلاشى تماما ويتقارب سعر صرف الدولار بها من السوق الرسمية.
اقتصاد موازي للاقتصاد الرسمي
لا يتواجد بين يدينا أرقام دقيقة عن حجم هذه السوق على مستوى العالم وفي المجتمعات النامية على وجه التحديد، ولكن العديد من المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة والبنك الدولي وبعض المؤسسات الأخرى تؤكد على أن هذه الأسواق تشكل اقتصاد كامل موازي للاقتصاد العالمي، أي عشرات الترليونات من الدولارات كل عام. ويطلق عليها العديد من الأسماء منها السوق الرمادية أو سوق الظل، وكل من يعمل بها يستغل أوقات الأزمات الاقتصادية وشح مصادر التمويل الرسمية والأزمات الغذائية فيبدأون في عمليات التهرب والتحايل واختراق قوانين ولوائح الدولة التي يتواجدون بها، وما إن تهدأ الأوضاع يعودون لحجورهم مرة أخر.