معاناة المواطن الانجليزي..تفاقم ظاهرة السرقات في المحال التجارية البريطانية
في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة الأزمات المالية التي يشهدها العالم، التي ترجع إلى ارتفاع معدل التضخم، الناجم بدوره عن عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، تشهد المملكة المتحدة تزايدا يثير القلق في ظاهرة السرقة في المحال التجارية.
ظاهرة السرقة
وتقول الكاتبة كاتي لينسيل في تقرير نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء أمس، "إن هذا التزايد يحدث رغم ما تتخذه المحال من تدابير مشددة من بينها موانع السرقة، والملصقات الأمنية الصفراء اللامعة المثبتة على المنتجات على الأرفف، والتغليف الذي يجعل من الصعب إخفاء ما تتم سرقته".
وأوضحت لينسيل أن حوادث السرقة في المتاجر في المملكة المتحدة زادت بنسبة 18 في المائة خلال 12 شهرا حتى حزيران (يونيو) الماضي، حيث أدى أعلى معدل تضخم في أكثر من أربعة عقود إلى ارتفاع أسعار السلع ما بين الخبز والمعكرونة، ما يزيد من صعوبة مقدرة المستهلكين على شراء احتياجاتهم الأساسية.
التضخم والسرقة
وترى لينسيل أنه مع زيادة معدل التضخم في المستقبل، من المرجح أن يزداد انتشار السرقة، وأصبح أصحاب المحال التجارية أكثر يقظة لحالات السرقة، فالمحال التي اعتادت إلصاق موانع للسرقة على السلع غالية الثمن، اتجهت أيضا إلى حماية المنتجات العادية، مثل الزبد، والجبن، والمنظفات، وشرائح البروتين، التي يبلغ ثمن بعضها جنيهين استرلينيين فقط.
وقال إوين تونج كبير مسؤولي الشؤون المالية والاستراتيجية في سلسلة متاجر التجزئة البريطانية ماركس آند سبنسر في تصريحات، "هذه هي قضية هذا العام وهي واضحة تماما، فعندما بدأت فترة التضخم، شهدنا زيادة في سرقة المنتجات، مثل غيرنا من المتاجر، وقد تم اللجوء إلى مزيد من التدابير من جانب جميع المتاجر تقريبا، سواء كان ذلك متمثلا في زيادة الحراسة أو وضع العلامات".
مطالبات بتدخل الشرطة
وتضيف لينسيل "إن متاجر تيسكو وسينسبري كانت من ضمن أكثر من مائة متجر طالبت الشرطة البريطانية في أغسطس الماضي بالتركيز على جرائم السرقة في المتاجر، في ظل زيادة تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة على المتسوقين".
وأفاد جون آلان رئيس مجلس إدارة متاجر تيسكو لراديو "تايمز" بأن "تيسكو" كثفت الإجراءات الأمنية مطلع هذا العام، بما في ذلك تعيين أفراد حراسة داخل المتاجر، مضيفا "إنني لا أتعاطف مع الأشخاص الذين يسرقون، لكن يمكن أن أتفهم لجوء الأشخاص اليائسين إلى إجراءات يائسة".
وأشارت لينسيل إلى أن معدل تضخم أسعار البقالة بلغ رقما قياسيا الشهر الماضي وهو 14.7 في المائة، ما يضيف 682 جنيها استرلينيا إلى متوسط فاتورة التسوق السنوية. وذكر أكثر من ربع الأسر في المملكة المتحدة أنهم يعانون ماليا - ضعف ما كان عليه الوضع العام الماضي - وتقول الأغلبية الكبرى "إن ارتفاع الغذاء والمشروبات يثير قلقا بالغا".
أوقات المصاعب المالية
ومن المؤكد أن السرقة في المتاجر تزداد غالبا في أوقات المصاعب المالية، حيث يلاحظ كثير من أصحاب المتاجر تزايد الحالات أثناء الأزمة المالية. ومن المتوقع أن يمثل ارتفاع فواتير الطاقة والزيادات المقبلة في معدلات الرهن العقاري ضغطا شديدا على المستهلكين في أنحاء المملكة المتحدة. وذكر نحو 16 في المائة من الأسر في أبريل الماضي أنهم بالفعل بدأوا في عدم الالتزام بتناول كل الوجبات، واتجه كثيرون إلى بنوك الطعام لتناول الوجبات.
وقال ريشارد ليم وهو رئيس تنفيذي في مؤسسة ريتيل إيكونوميكس للاستشارات البحثية "هناك ضغط على الأسر وعلى ميزانيات الأشخاص وكذلك هناك ضغط بالنسبة إلى الكريسماس فيما يتعلق بتقديم الهدايا، وكل هذه عوامل يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع حالات السرقة في المتاجر في المستقبل القريب".
تجهيز
وقامت مجموعة مورليز للمحال التجارية الرئيسة أخيرا باستثمار نحو 750 ألف جنيه استرليني في فرعها في بلدة ابمنيستر في شرق لندن، بما في ذلك إعادة تجهيز قسم العطور للحفاظ على المنتجات في خزائن وأدراج مغلقة، مع ترك زجاجات العطر المخصصة للتجربة متاحة للجميع.
كما أن متجر بريكستون التابع للمجموعة الذي تم للتو الانتهاء من تجديده بتكلفة بلغت أربعة ملايين جنيه استرليني، يستخدم أيضا أدراجا مغلقة لحفظ ماركات مثل ديور وجو مالون. وقال بيرنارد دريسمان، رئيس مجموعة مورليز "من المؤكد أن هناك ارتفاعا في حالات السرقة في المتاجر، فقد أصبحت النقود شحيحة".
اضراب
وفي سياق الشأن البريطاني، استمر عمال تسليم الأمتعة في إضرابهم لليوم الثالث على التوالي، في مطار هيثرو في لندن، فيما مدد عمال البريد البريطانيون إضرابهم خلال أعياد نهاية العام، وانضم إليهم بعض موظفي الخدمة المدنية وحراس الأمن لدى متاجر هارودز.
تتوالى الإضرابات التي تركز غالبا على الأجور وكذلك على ظروف العمل في المملكة المتحدة في جميع القطاعات تقريبا في سياق تضخم مرتفع يزيد على 11 في المائة.
وقالت نقابة "يونايت" في بيان الخميس الماضي "إن مطار هيثرو يستعد لمواجهة اضطرابات كبيرة بدءا من الجمعة"، بعد أن قرر عمال مناولة الأمتعة الذين توظفهم شركة منزيس الإضراب.
سيتسبب الإضراب - وفق النقابة - في اضطرابات وتأخيرات "ستؤثر بشكل خاص في الرحلات التي تغادر مباني مطار هيثرو 2 و3 و4" وشركات طيران كندا وأميركان إيرلاينز ولوفتهانزا وسويس إير وطيران البرتغال والخطوط الجوية النمسوية وكانتاس ومصر للطيران ولينجوس الأيرلندية وخطوط فنلندا".
تحركات
لكن متحدثا باسم مطار هيثرو قلل من عواقب التحرك، وقال "إن شركات الطيران المعنية اتخذت بالفعل إجراءات للتعامل معه"، ولا يتوقع إلغاء رحلات جوية. وفي هذه الأثناء، مدد عمال البريد إضرابات خططوا لها حتى 2023 ويمكن أن تؤثر في توزيع البريد والطرود خلال موسم العطلات.
ويشارك في الإضرابات عمال مكتب بريد شركة الخدمات اللوجستية العامة بوست أوفيس التي توفر خدمات حكومية ومالية. وجاء في بيان صادر عن نقابتهم "إن الإضراب هدفه الاحتجاج على انخفاض الأجور بسبب التضخم"، وقالت متحدثة باسم مكتب البريد "إن الشركة تسعى للتوصل إلى اتفاق مع النقابة".
بالمثل، أعلن عمال شركة البريد الملكي "رويال مايل" التي تتولى توزيع البريد والطرود وأعلنت أخيرا تسريح آلاف من العاملين فيها، تمديد إضراب مستمر منذ شهور وقد يؤدي إلى تعطيل التسوق عبر الإنترنت وإرسال هدايا عيد الميلاد. وقد يؤثر في التسوق في موسم الأعياد أيضا الإضراب الذي أعلنه حراس الأمن في متجر هارودز الفاخر الشهير في لندن.
كما صوت موظفو الخدمة المدنية من وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية والجمارك والحدود ووزارة النقل لمصلحة الإضراب في نهاية العام بعد فشل مفاوضات مع الحكومة للحصول على زيادات في الأجور بما يتماشى مع التضخم.
صندوق النقد الدولي
والبارحة الأولى، أشاد صندوق النقد الدولي بأحدث خطة مالية للحكومة البريطانية، وذلك بعد شهر من انتقاده التخفيضات الضريبية التي أزعجت الأسواق المالية، وهوت بسعر الجنية الاسترليني لمستويات متدنية، حسبما أفادت وكالة "بلومبيرج" للأنباء.
وقالت كريستالينا جورجييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، "إنه تم إعداد الخطة الجديدة في وقت عصيب بالنسبة إلى اقتصاد المملكة المتحدة في مواجهة الرياح المعاكسة العالمية القوية".
وأضافت "إنها تحقق التوازن الصحيح بين المسؤولية المالية وحماية النمو والأسر الضعيفة"، وقال متحدث باسم الصندوق في بيان "إن الخطة تتنقل بشكل جيد في المفاضلة الصعبة بين مقاومة التضخم وحماية دخل الأسر في حالة الركود الناجمة في المقام الأول عن صدمة أسعار الطاقة الخارجية".
ضرائب جديدة
ورفع جيريمي هانت وزير الخزانة الخميس الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة في المملكة المتحدة، في سعيه لتحقيق الاستقرار في التمويلات العامة، وحماية الأسر الأكثر ضعفا من الركود.