الرئيس الأمريكي يزور مصر خلال ساعات للمشاركة في فعاليات قمة المناخ " كوب 27"
يصل الرئيس الأميركي جو بايدن غداً الجمعة إلى قمة المناخ " كوب مصر" بشرم الشيخ حيث يحمل معه إلى الآلاف من مندوبي الدول المشاركين في الحدث، والذين يشككون منذ فترة طويلة بوعود الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالعمل المناخي، رسالة مفادها: "يمكنكم الوثوق بنا الآن".
يمتلك بايدن أدلة جديدة تدعم هذا الادعاء، على الرغم من انتخابات التجديد النصفي التي جرت الثلاثاء، والتي من المرجح أن تعيد سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب الأميركي.
فقانون الحد من التضخم الذي تم سنه مؤخراً، يخصص مئات المليارات من الدولارات للطاقة النظيفة والحفاظ على الكربون واحتجازه، مما يمنح البلاد فرصة للوفاء بتعهدها في اتفاقية باريس بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف على الأقل بحلول نهاية العقد الجاري. وبما أنَّ فوائد القانون تطال كل ولاية من الولايات الأميركية، بما في ذلك الولايات المحسوبة على الحزب الجمهوري؛ فسيجد المتشككون في المناخ بالكونغرس صعوبة في الخروج عن هذا المسار.
يقول المبعوث الأميركي الخاص للمناخ، جون كيري، إنَّها ستكون "رسالة مصداقية" بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنَّ القانون يقلل بالفعل من واقعية انتقادات الدول الأخرى لأميركا على أنَّها تقيم وعوداً كبيرة لا تفي بها.
أعطى قانون الإنفاق الضخم دفعة سياسية قوية لبايدن قبل انتخابات التجديد النصفي، إذ ساعد على بث الحماسة في أوساط الناخبين الديمقراطيين، وخيّب التوقُّعات بأن يحقق الجمهوريون فوزاً كاسحاً.
مشكلة شائكة
لكن مع ذلك، لا يحل ذلك المشكلة القائمة والشائكة. لقد أخفقت حكومة الولايات المتحدة في تقديم أكثر من جزء ضئيل من التمويل المناخي الذي وعدت به منذ فترة طويلة لمساعدة الدول النامية على تبني الطاقة الخضراء والتكيف مع العواصف الشديدة وموجات الحرارة الحارقة، والحد من الجفاف، وكل ذلك تفاقم بسبب تغيّر المناخ.
قال جو ثويتس، المدافع عن تمويل المناخ في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: "ستشعر دول كثيرة بسعادة بالغة، لأنَّ الولايات المتحدة بدأت في ترتيب بيتها من الداخل". وأضاف: "لكنْ هذا ليس تمويلاً عاماً للمناخ على المستوى الدولي، وبالتالي؛ سوف يتعرضون لضغوط متزايدة في هذا الشأن".
أخفقت الدول الغنية، ومن بينها الولايات المتحدة، حتى الآن، في الوفاء بوعودها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ، والذي كان من المفترض أن يبدأ تدفقه في عام 2020. لكنْ تعد الولايات المتحدة إلى حد بعيد المتقاعس الأكبر، إذ قدمت حوالي 1.7 مليار دولار فقط في عام 2020. كما أنَّ وعد الرئيس السابق باراك أوباما الذي أطلقه عام 2014، والمتمثل في تقديم 3 مليارات دولار لصندوق الأمم المتحدة للمناخ الأخضر، ثبت أنَّه كان مضراً للغاية من الناحية السياسية، علماً أنَّ الكونغرس الأميركي صرف ثلث ذلك المبلغ فقط.
المال قبل كل شيء
تمويل المناخ الدولي هو بيت القصيد في محادثات المناخ. وتشتد التوترات بشأن التمويل في قمة المناخ "كوب 27" مصر، إذ تطالب البلدان الفقيرة الواقعة على الخطوط الأمامية لتغير المناخ، بالمساعدة المالية والتكنولوجية للتعامل مع "الخسائر والأضرار" التي أذكتها ظاهرة الاحتباس الحراري. وفيما تصرّ بعض الدول النامية على برنامج جديد لتقديم تلك المساعدة في المفاوضات؛ تراجعت الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى، بحجة أنَّ عملية بناء نظام وتمويل جديد، ستستغرق وقتاً أطول بكثير من الاستفادة من المبادرات الحالية وتدفقات الإيرادات.
في غضون ذلك، تبدو الدول النامية واضحة ونزيهة بشأن توقُّعاتها. عندما سئلت عما تريد رؤيته في مؤتمر المناخ هذا العام، كانت عمدة فريتاون في سيراليون، إيفون آكي سوير، واضحة وصريحة عندما قالت: "المال".
أضافت آكي سوير خلال حلقة نقاشية في قمة "بلومبرغ غرين" في مصر الخميس: "المال الحقيقي وليس الالتزامات".
وعد بايدن قادة العالم بأنَّه سيقدم 11.4 مليار دولار في تمويل المناخ على المستوى الدولي بحلول عام 2024. لكن حتى مع سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس في العام الماضي؛ تمكنت الإدارة الأميركية من توفير مليار دولار فقط. وبالتالي؛ فإنَّ إقناع مجلس يسيطر عليه الجمهوريون بتقديم المزيد من الأموال، سيكون تحدياً سياسياً شبه مستحيل.
استثمارات محلية ضخمة
قال المستشار الوطني الأميركي للمناخ، علي زيدي، في بودكاست "بلومبرغ زيرو" يوم الخميس في شرم الشيخ: لا تحسبوا بايدن خارج الموضوع". في العام الماضي، وصل الرئيس الأميركي إلى قمة المناخ "كوب 26" في جلاسكو مع توقُّعات قاتمة بأنَّه لن يكون قادراً على التغلب على العقبات السياسية في الكونغرس، وتمرير تشريع يمكن أن يساعد الولايات المتحدة في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لكن وبعد مرور عام؛ تمكّن من تمرير قانونين يقودان بالفعل نحو استثمارات جديدة في إنتاج الطاقة الشمسية وشحن المركبات الكهربائية وتحديث الشبكات.
قال زيدي: "يحب الناس، على ما أعتقد، النظر إلى العملية بتشكك. مع مرور الوقت، أعتقد شخصياً أنَّ جو بايدن نجح في ذلك".
من جهته، وفيما يبدو الأمر محبطاً من قيود الحكومة الفيدرالية، يعمل المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري بالفعل على حل مبتكر من شأنه أن يساعد في جذب رأس المال الخاص المتجنب للمخاطر، لتمويل بناء مصفوفات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح في البلدان النامية. استُقبل اقتراحه الخاص بائتمان الكربون، والذي تم الكشف عنه يوم الأربعاء، بالشكوك من قبل العديد من خبراء سوق الكربون، نظراً لإساءة استخدام برامج التعويض السابقة. لكن مع ذلك؛ فإنَّ العديد من المجموعات البيئية أشادت به كخطوة أولى واعدة.