عمرو عامر يكتب: حسن عبدالله.. رهان السيسي اللي دايما كسبان
مع بداية الألفية الجديدة وحين توحشت السوق السوداء وصار الدولار عزيزا في الأسواق ما هدد مكانة الجنيه المصري رأت الدولة البحث عن آليات جديدة لحماية العملة الوطنية والتصدي لعبث حيتان العملة وفوضى السوق المصري.. برز اسمه كرجل المرحلة.. رن هاتفه فأسرع لمبنى المركزي القديم بوسط البلد وكان ثالث ثلاثة في غرفة الإنقاذ أو مايطلق عليها «غرفة المعاملات الدولية».
وقف الرجل يشرح للحاضرين كيف سيقضي على عبث تجار السوق السوداء والمضاربين بالدولار، ومن يومها صارت رؤيته دستورا يحكم القواعد المالية وأسواق الصرف ونجح في وقف مؤامرة استنزاف الجنيه واسقاط الاقتصاد ورغم ذلك لا يحب أضواء الشهرة ويفضل أن يعمل في صمت..
منذ أيام رن هاتفه مرة ثانية في مهمة إنقاذ جديدة ..«أنت مكلف من الرئيس عبد الفتاح السيسي برئاسة البنك المركزي ومهمتك إعادة الانضباط للأسواق المالية وتحديث السياسات النقدية وإعادة الاستقرار لسوق الصرف والسيطرة على الدولار».. ومنذ اللحظة الأولى أيقن حسن عبد الله ذاك الاسم الذي لا يقدر بثمن في عالم قيادات البنوك أنه أمام مهمة وطنية من نوع خاص وأنه عليه التحرك سريعا لإنجازها دون مقدمات أو وقتا لاحتساء فنجان قهوة فالتحديات كبيرة وسوق العملة على المحك.
ومن غيره يدرك أسرار السوق والصعاب الاقتصادية وخطورة الأزمة فى سوق الصرف وهو الملم بكل تفاصيلها وأسبابها فمهما كثرت الأفاعي في الأسواق فهو الساحر الذي يفرق شتاتهم.
الرهان على اسم حسن عبدالله رابح دائما فالرجل فى كل الملفات التى أسندت اليه كان على قدر المسئولية وفى كل منصب تولاه حقق طفرة نوعية وكان آخرهم منصب رئيس الشركة المتحدة للخدمات الاعلامية وربما هذا ما شجع الرئيس عبدالفتاح السيسي على تحميله مسئولية ادارة السياسة النقدية لمصر
حسن عبد الله من سيرته يعرف اسمه في عالم المال ومن صيته تهابه الشدائد ومن حنكته تهرب المعوقات.. حرفية في الإدارة وقدرة علي اتخاذ القرار في وقته.. عرف في إدارات البنوك بالرجل الحديدي.. هدوءه ينم عن ثقة غير محدودة في قدراته.. في خضم الأزمات لا ترتعش يداه ولا يفقد قراراته.. حاضرا دوما بالحلول ولديه رؤية لا تخيب.. حسن عبدالله والذي استدعته الشدة المالية ليكون فرس الرهان في إعادة الاستقرار للسوق المالي وليضبط إيقاع البنوك وأسعار الصرف والتضخم ويلجم الدولار ويعيد الهيبة للجنيه المصري.
طرح اسم حسن عبد الله كونه من قيادات الصف الأول والعيار الثقيل في البنوك ليكون محافظا للبنك المركزي، وبشجاعة تصدى للمهمة الصعبة ومن الساعة الأولى بانت ملامح قيادته، وربحت البورصة مليارات الجنيهات خلال ساعتين واستطاع أن يكبح جماح سعر الفائدة على الجنيه ومنح الثقة للبنوك المحلية واستعد الدولار للعودة لسيرته الأولى.
كلنا يعلم أن حسن عبدالله لا يملك عصا سحرية ولا أنه يقول للشيء كن فيكون لكنها موهبة الإدارة واتساع أفق الحلول التي يخلقها وسرعة البديهة وقدرة المناورة في مساحات الحلول الضيقة.
بلاشك لمس الجميع في الساعات الأولى لتولي حسن عبد الله أنه أمام فكر جديد في إدارة الأمور والإبحار وسط الأمواج العاتية التي تضرب كل الاقتصاديات في العالم ومصر جزء منه.
وتنتظر حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري الجديد عديد من القضايا الساخنة علي رأسها -المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وهو ملف صعب يحتاج مفاوضا عنيدا من طراز خاص، كما تأتي مهمة إعادة الاستقرار لسوق الصرف علي رأس أولويات رئيس المركزي والذي تولى المهمة والجنيه يترنح تحت ضربات التضخم وسطوة الدولار.
الجميع ينتظر ليرى كيف سيتصرف المصرفي المخضرم حسن عبدالله لإعادة الأموال الساخنة والاستثمارات، وهي مهمة أخرى لا تقل صعوبتها عما سبقها من مهام.
من الطبيعي أن يجد حسن عبدالله نفسه في مفترق طرق من الأزمات العصيبة لكن عليه أن يتخذ خطوات سريعة لإصلاح وتطوير السياسة النقدية وسط أزمات عالمية طاحنة تسحق الجميع، فمعظم البنوك المركزية حول العالم رفعت شعار التشديد لمواجهة معدلات التضخم القياسية وسط مخاوف من الوقوع في براثن الركود والأزمات.
لكن لمن يعرف مفاتيح شخصية حسن عبدالله يعلم أنه خلق من أجل خوض غمار الصعاب وأنه رجل لا يمل من البحث عن مخرج لكل أزمة ويشتهر عنه أنه حلال المشاكل ورجل الأقدار.
عبد الله يحظى بمكانة فى المؤسسات الدولية، وفي كل المؤتمرات الدولية يتمتع الرجل باحترام ومعرفة وثقة قلما تجدها فى مصرفى محلى فى الأسواق الخارجية.
ولد حسن عبدالله فى عام 1960، وحصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية فى عام 1982، وعمل فى البنك العربى الأفريقى الدولى فى نفس العام، وفى عام 1988 انتقل إلى فرع البنك العربى الأفريقى بمدينة نيويورك ليتولى إدارة محفظة الخزانة وسياسات التحوط لمدة عام ثم عاد مجددا إلى القاهرة.
وفى عام 1994 تولى عبدالله منصب مساعد المدير العام فى البنك، وفى عام 1999 تولى منصب مدير عام البنك، ثم نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، حتى تولى منصب الرئيس التنفيذى للبنك العربى الأفريقى الدولى لمدة نحو 16 عاما، وترك منصبه فى عام 2018، وفى عام 2021 أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن تشكيل مجلس إدارتها الجديد بقيادة حسن عبدالله.